الأربعاء، 17 ديسمبر 2008

نهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــاية


وقف وسط الشارع ... رفع يديه إلى السماء متخذًا وضع المصلوب، وأخذ يصيح بصوتٍ جهوري متهدج لم أكد أميز إن كان ثملاً أو واعيًا:" يـــــــــــا رب ... أنا جيت لك ... أنا جيت يــــــا رب ... مش عاوز حاجه من الدنيا ... مش عاوز فلوس ... مش عاوز نسوان ... مش عاوز حاجه ... عاوزك تقبلني ... حأقضي عمري ساجد لك يــــــــا رب... يـــــــــــــا أرحم الراحمين ارحمني واقبلني ..."


والغريب في الأمر أنه كان يمسك بسيجارة في يده اليمنى. أيقنت أنه كان ثملاً من طريقة مشيته وثقل لسانه... ثم وفي لحظة ظهرت سيارةٌ سوداء شقت ظلام الليل بنورها المبهر وسكونه بصوت آلة تنبيهها المرتفع وأطاحت به لأمتار ... طارت السيجارة من يده ... سقط على ظهره وظلت يداه مفرودتان في وضع المصلوب ... وهرب قائد السيارة، وحين ذهبت إليه محاولاً إنقاذه وجدته قد فارق الحياه، كما وجدت سبابته اليمنى تشير إلى المسجد...

الثلاثاء، 2 ديسمبر 2008

الفريــسة



قاتلٌ أو سفاح هكذا كان يحلو له أن يصف نفسه في كل مرةٍ تراوده لاصطياد فريسةٍ جديدة... يقتل بدمٍ بارد ... يتلذذ بتعذيب ضحيته بعد قتلها حتى أنّه ربما يأكلها... لا يستطيع أن يحصي عدد ضحاياه ... لم يفكر يومًا أن يعدهم... صار كل همه أن يقتل منهم المزيد ... أدمن على هذه الهواية...


وذات فجرٍ جلس فوق صخرة يراقبها من بعيد في صمت ... تنكسر صورتها فوق صفحة المياه الشفافه فتثير في داخله شغفًا لا يطيق احتماله... لا يدري إن كانت نائمةً أو مستيقظة ... عيناها مفتوحتان ولكنها لا تتحرك ... يعكس لون ظهرها الأبيض شعاع الشمس منكسرًا فوق حركة المياه في ومضات تخطف البصر فيرتفع مستوى الأدرينالين في دمه فينتشي بذلك الإحساس الذي لايقاوم ... يتمنى أن يلمسها... أن يمسكها بين يديه ... أن يملكها ولكن هيهات ... فهي كالسراب ... يعلم جيدًا أنه إذا اقترب منها ربما لا يجدها ... أي حركة من ناحيته قد تذهب بها إلى الأبد... فلينتظر إذًا...


لا يَمَل ... جلس يراقبها ... ساكنةً تمامًا... كالملائكة كانت ...أشعل سيجارة وتمتم بصوتٍ خافت:" آه لوملكتك ..." ، "متى؟" ... لا يعرف لماذا يراوده هذا الشعور في كل مرة يتربص فيها بفريسةٍ جديدة !!... شعور الإنسان البدائي ... إنسان الكهوف ... سمع يومًا أن بداخلنا جميعًا هذا الجين المسئول عن شغفنا بالقنص، أو بمعنى أصح القتل، نتوارثه جيلاً بعد جيل منذ القِدَم... وها هو ذا يجلس متحينًا الفرصة لِيُجهِزَ عليها وينتزع روحها...


مرت الدقائق تلو الأخرى وها هي تتحرك ببطئ ... يبدو أنها كانت نائمة ... تخيل أنها رأته فلمعت عيناه بنظرة حبٍّ ورجاء... أشاحت بوجهها بعيدًا عنه واستدارت سائرة في الاتجاه المعاكس ... مشت مبتعده فانخلع قلبه وهو يراها ترحل... ثم زفر بارتياح حين رآها تلتف عائدةً باتجاهه ... إنها تنظر إليه هذه المرة ... لقد رق قلبها إليه أخيرًا ... أدرك أنه خدعها بنظراته الحانية ... اقتربت منه فاعتدل في جلسته منتبهًا بكل جوارحه ... اقتربت أكثر فالقى سيجارته المشتعلة في الماء وتمتم :"هيا ... تعالي ..." ، اقتربت أكثر فابتسم ابتسامة المنتصر حين أدرك أنها ابتلعت الطعم، وفي حركة سريعة لا تخلو من استعراضٍ للقوة والنصر جذب سنارته من الماء صائحًا: " لقد انتظرتك أكثر مما ينبغي... أيها السمكة العنيدة ...".

الجمعة، 14 نوفمبر 2008

ميـــــلاد (ق ق ج)



في لحظة ميلاد ابنه ... احتضنه ... أذّن في أذنِه اليمنى... وأقام الصلاة في أذنه اليسرى ... وحنَّكه تمرةً... ثم غشيته سكينةً لم يعرفها من قبل حين فتح الوليد عيناه المغمضتين وقبض بكفه الدقيقة على إبهامه...

الأربعاء، 15 أكتوبر 2008

تَمَرُّد



قالت ... وبكل تحدٍّ : "يـــــا أنت..."

ستدركُ أنَّ رهانك خاسر...

وأن جوادكَ ... ذاك الأدهم... لن ينقذك...

لن يركبَ ظهرَ الريحِ .. كي يأخذك...

لن يظمأَ بعدَ الآنِ لكي يرويَك...

لن يسهرَ حولك طول الليل لكي يحميَك...

فسياطُكَ خَطَّت فوقَ جراحه جرحًا...

وصياحُكَ فيهِ... ما عاد يَهُزُّه...


ما عاد لديك .. ما تعطيه، وما أعطيته...

ما عاد يتوقُ إليك لكي تحتضنه...

ما عاد يحب السكر فوق يديك ...

سئمَ العيش بظلِّك ... بل سئمَ العيش...

وسيهرُبُ منك إلى البريةِ...


أمّا أنت... فلن تنجوَ من نفسك...

وستبحثُ عنه ... حتى تهلك...

الثلاثاء، 12 أغسطس 2008

أبو العربي .. ق.ق.ج



جَثَمَ فوقَ ذاتِهِ ليكبحَ جِمَاحَ عنفوانهِا الطاغي ... قررَ أنه حين سيُنجِب سَيُسَمي وَلَدَه "صلاحُ الدين"... وبعدَ ستينَ سنةً، وبعدما تزوجَ وطلَّق عدة مرات كانَ قد صارَ عنينًا...فَلَم يُنجِب...

الاثنين، 7 يوليو 2008

خارج القطيع..!!



حاول كثيرًا أن يكون أقلَّ تعقيدًا... أن يُسَمِّي الأمور بأسمائها ... ألا يُحَمِّل المعاني أكثر مما تحتمل.. أن يكف عن استلهام الرموز وقراءة ما بين الأسطر في كل حدثٍ يمرُّ به...


حاول أن يوقف رأسه عن التفكير.. أن يبني سدًا أمام سيل الرؤى والآراء التي تتدفق في عقله كل ثانية... حاول ألا يناقش ... ألا يحاور ... ألا يجادل ... مزق "دون كيخوت" و"هاملت" و"الحكومة السرية للعالم"...


حاول أن ينام... لم يستطع... حاول أن يصرخ ... لم يسمعه أحد ... استلقى فوق أريكة في الركن ،هناك بجانب المدفأة، أغمض عينيه .... وفي الصباح وجدوه ميتًا ولم تستطع التحقيقات أن تثبت إذا كان قد قُتِلَ أو انتحر...

********************
القصة مستوحاة من خبر انتحار أو محاولة اغتيال ضابط مخابرات سابق في شقته بالعاصمة البريطانية ونحتسبه عند الله شهيدًا والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم ...
********************

الأحد، 6 يوليو 2008

كُــلُّــــــــنا



في الأرضِ غُرِسَ ... رُويَ ... أزهرَ ... أثمرَ ... ثم داسته الأقدام فغُرِس في الأرض ...

الاثنين، 9 يونيو 2008

المُلهِم


تجَمَّعوا في ساحةٍ كبيرةٍ في وسط الغابة... مئات الألوف منهم... وربما ملايين ... يرتدون ملابس الرهبان السوداء، ويمسك كلٌ منهم بشعلة متقدة ... يرفعها عاليًا... ينعكس نورها على وجوههم متباينة الألوان فتضيئ بهالاتٍ مختلفة... بيضاء، صفراء، حمراء، سوداء .... تلفح وجوههم رياحٌ ساخنة مختلطة برائحة النار، تتحرك معها نيران المشاعل جميعها في حركةٍ مسرحية في نفس الاتجاه... تكمِّم أفواههم شرائط لاصقة تمنعهم من الكلام ... مكبوتون كانوا، خائفون ومستسلمون ... تُسمَعُ همهماتٌ متفرقةٌ هنا وهناك... وصرخاتٌ شريدةٌ مكتومةٌ لا تقوى على الإنفلات من بين الحناجر المصمتة....



وهناك، من الخلف البعيد يُسمَع قرع طبول ... فيصمت الجميع... يستديرون ليروا مصدر الصوت... إنه يأتي من هناك... من داخل الغابة... الظلام دامس... لايكادون يرون شيئًا... الهواء الثقيل ينقل ذبذبات الصوت من ذلك الاتجاه ... يعلو صوت الطبول شيئًا فشيئًا... يقترب... تتحرك الحشود في اتجاه الصوت... تتزايد همهماتهم ... تتوحد مع وقع أقدامهم التي تضرب الأرض بعنف وقرع الطبول المتسارع... يسيرون معًا إلى الظلام ... يدخلون الغابة... يشتد لفح الرياح الساخنة... الأشجار العالية تلتقط نيران المشاعل، فتشتعل... تتحول الغابة إلى غابةٍ من نار... يعلو لهبها إلى السماء... يسيرون في ثبات في اتجاه الصوت... يتساقط البعض منهم مختنقين أو محترقين ... ويكمل الباقون طريقهم .... تنشق الأرض عن فجواتٍ كبيرة ... تُفتَح فسقط فيها البعض ... ثم تُغلَق ويكمل الباقون طريقهم .... لا أحد يقف ... لا أحد يتراجع ....ويعلو صوت الهمهمات هادرًا ... تتضاءل أمامه أصوات الطبول... يبدو أنهم عرفوا طريقهم في الظلام ... لا ... بل بدأ الفجر ينبلج... تتسارع الخطى ويظهر خيط النور الأبيض في السماء ... ويبدأ المطر في الهطول... تنطفئ نيران الأشجار شيئًا فشيئًا ... ويزيد المطر... يغسل الغابة ... يبزع نور الشمس من بين الأغصان الكثيفة المحترقة ... يركضون ... فالآن قد اتضحت الرؤية...


وهناك في نهاية الغابة، وعند البحيرة يجدونه ملقىً على وجهه وبجواره الطبول ... سقط مع الإعياء ... أثملته نشوة النداء ... حملوه ... رفعوه على الأعناق ... إلى السماء ... وبعد الاحتفال بحثوا عنه كثيرًا فلم يجده أحد ... قال أحدهم :"أذكر أننا ألقيناه لأعلى منذ فترة، ولم ينزل بعدها"....

الثلاثاء، 20 مايو 2008

جيفارا...




استيقظ اليوم على شعور جديد ... رغبةٌ في السعادة اعترته... لم يراوده هذا الشعور منذ أن كان في المدرسة الثانوية... يذكر هذا اليوم جيدًا .. إنه أول موعد له مع حبيبته الأولى ... ظلا يحبان بعضهما بالنظرات والخطابات لمدة عام.. وأخيرًا قرر أن يطلب مقابلتها... واتفقا أن يخرجا سويًا في موعد المدرسة... في هذه الليلة لم ينم ... واعترته حالة من السعادة ملأت وجدانه ... كان الهواء باردًا يحمل أريج زهور حديقته ويدخل إلى غرفته متخللا الستائر الرقيقة فترقص رقصةًً غريبة... أشبه برفيف أجنحة الفراشات ... يتمايل معها قلبه صعودًا وهبوطًا مع كل خفقةٍ من خفقاته ... أحس أن الهواء والزهور والطيور والسماء والضياء... و و و... كلها تعلم بموعدهما ... وكلها تستعد لجعل هذا اللقاء الأول لقاءً فوق قمم الجبال حيث سيقفزان معًا فوق السحاب ويسبحان في بحور الحب...

أما اليوم فقد أدهشه جدًا أن يجد نفسه في هذه الحالة فلا يوجد أي شيء يدعو لهذه السعادة وتلك الإثارة التي تملأه... قام من سريره ... فتح نافذته وتَنَفَّس نفسًا عميقًا ملأ رئتيه... "همم الجو رائع..." ... ضَبَط مشغل الموسيقى على قائمة أغانيه المفضلة ... وضع السماعات في أذنيه... "أهواك بلا أمل... وعيونك تبسم لي... وورودك تغريني... بشهيات القُبَلِ..." وأخذ يتقافز بخطوات موسيقية أشبه برقصة الفالس ... أعدّ قهوته الصباحية... تناولها في شرفة غرفته... "آهٍ منك أيها البحر...."... ارتدى ملابسًا رياضية... وخرج ...

وفي مكان العمل... اندهش زملاؤه من هيأته التي لم يعتادوها من قبل... سأله أحدهم: "لماذا تأخرت؟؟ المدير يسأل عنك...!!!" وسأله الآخر:"هل ستدخل لمقابلته بهذه الملابس؟؟..." وقال ثالث:" اربط حذاءك.." ... لم يُعَقِّب...
طرق باب المدير ولم ينتظر إجابته ودخل مباشرةً، أخرج من جيبه ورقةً مطوية وضعها أمامه على المكتب... فتح المدير الورقة وقبل أن يتكلم بادره قائلاً: "السلام عليكم.." واستدار خارجًا من المكتب غير آبهٍ بصراخ المدير وندائه عليه ... وحينما خرج من باب الشركة لم ينظر وراءه...
توجه مباشرةً إلى شاطئ البحر... أخرج عدة الصيد... جلس على الكرسي الصغير... ألقى صنارته في الماء ... أشعل سيجارةً وأخذ يتمتم: " وورودك تغريني... بشهيات القُبَلِِ... وورودك تغريني... بشهيات القُبَلِِ...".

الأحد، 18 مايو 2008

رقصة جديدة على إيقاع المجاعة...



قالت النملة الجائعة لأختها التي تتضور جوعًا: أين اختفى الخبز؟ لقد كانوا فيما مضى يلقونه في سلة المهملات بكميات كبيرة... أما عادوا يأكلون؟؟


أجابت الأخري: آه يا أختي... والسكر..!!! لم يعد في هذا البيت ذرة من السكر... شئ غريب فعلاً...


قالت الأولى: يجب أن نهاجر من هذا البيت ... يبدو أن أصحابه يتبعون حمية غذائية صحية خالية من النشويات والسكريات...


وفي هذه الأحيان سُمع صوت المنادي: "إلى كل النمل... هناك اجتماع هام مع الملكة ... هناك اجتماع هام مع الملكة ..."


وفي الاجتماع ومن فوق سنبلة القمح الطويــــــ.....ــــــــلة بدأت الملكة تشرح للنمل كيف أن القمح والذرة وقصب السكر أصبحت تستخدم لاستخراج الإثانول الذي يستخدم بديلا لمشتقات النفط لتوليد الطاقة... وأن عالم النمل يمر بظروف صعبة ويجب إتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة أزمة لغذاء التي من المتوقع أن تتفاقم في الفترة المقبلة... وفي هذه الأثناء كانت هناك مجموعات كثيرة من النمل قد بدأت تتشكل في تشكيلات دائرية ينقض كل تشكيلٍ منها على إحدى النملات الضعيفة ويبدأ في إلتهامها... وبعد فترة قليلة أخرى لم يبق للنمل القوي الذي استطاع أن يصمد في زمن المجاعة إلا التهام الملكة ..فبدأوا يخططون لذلك...

الاثنين، 12 مايو 2008

نوستالجيا



ناما ونسيا التلفاز مفتوحًا على قناةٍ إخبارية... كانت مذيعة الأخبار تذيع أخبارًا عن الحرب...

ويرن الهاتف في السادسة صباحًا..

"ألو .. ماما.." .... يصمت لثواني... "البقاء لله" ... يضع السماعة ... يسقط على الفراش... يشعر كأن الأرض تدور من حوله ... وأنه أصبح مركز الحزن في هذا الكون... يغمض عينيه... تنساب على خده دمعة... يشعر بذراعي زوجته تلتف حوله لتواسيه... ينظر إليها بحيرة... لا يدري ماذا سيفعل... يشعر كأنه طفل صغير تائه في حديقة عامة... جده كان رمزًا بالنسبة له ... ليس مجرد "جد" ...


وهو في سيارته متجهًا إلى مسقط رأسه في المدينة الساحلية الصغيرة توقفه الشرطة، فقد تجاوز السرعة القصوى... كان يريد أن يقبل رأس جده ... ينظر الضابط إلي عينيه المغرورقتان بالدموع واللتان تحيط بهما هالتان سوداوتان... وإلى زوجته المتشحة بالسواد أيضًا ... ينظر في رخصة قيادته ... يقول له"البقاء لله" ويدعه يكمل طريقه...


وعندما يصل ... يشعر كأنه دمية تتحرك في مسرح للعرائس... لا إرادة له... يتوافد المعزون إلى منزل جده الخشبي القديم على ساحل البحر ... يأخذه قريبٌ له ويدخله إلى غرفة جده فيجده مسجىً في فراشه وقد بدأوا يُغَسِّلونه... لاحظ أ ن جده وجهه مبيضًّا ... يلثم جبهته بقبلةٍ طويلة وتبلل دموعه خد الجد...يأوي إلى ركن من أركان الغرفة، ويضع يده على فمه يريد أن يكتم دموعه... يتمتم بدعوات مكبوتة، ثم ينزلق حتى يجلس على الأرض... ويضع رأسه بين ركبتيه... وتتداعى إلى مخيلته ذكريات ... شريط حياته..

وبعد مراسم الجنازة والعزاء تعود الأسرة إلى البيت الكبير ... الكبار والصغار... تعوّدوا أن يجتمعوا دائمًا في الأفراح والأحزان... يَهُزُّه حنين إلى جده يخلع قلبه... يترك الجميع ويخرج إلى الشرفة خارج البيت...صوت وقع أقدامه فوق الأرضية الخشبية كأنه صوت الزمن ... كل خطوة كأنها عشر سنوات ... تذكَّرَ أنه رأى في الحلم أنه في قصرٍ منيف ولما سأل أمه لِمَن هذا القصر؟ قالت: "أنه قصر جدك"... فترقرقت عيناه بدمعةٍ ولكن هذه المرة صحبتها ابتسامة...

وفي الصباح ... تفتح زوجته الستائر فيتسلل شعاع النور ليضيء الغرفة وتفتح نافذة الغرفة فتشعر بنسمة من الهواء تنساب إلى خارج النافذة ... وحينما توقظه تجده وقد مات... مات ولم يُنجب بعد!!!...

وكانت مذيعة الأخبار مازالت تذيع أخبارًا عن الحرب حين استيقظ من النوم وفوق عينيه دمعةً تحجرت...

الخميس، 8 مايو 2008

يبدو أنني جائع

(1)
كلما تذكرت هذا الموضوع يكاد يفتك بيَ الجنون.. أحمد زويل، مجدي يعقوب، جمال حمدان، نجيب محفوظ، الشيخ الشعراوي، أم كلثوم، وحتى رمسيس الثاني... كلهم أكلوا من نفس الفول.. فمال حالنا هذه الأيام هكذا؟؟؟!!!... لا يوجد إجابة على هذا السؤال إلا أن الفول بقى مش قد كده.....
*************
(2)
في عصور الاضمحلال السابقة... أكل الناس الحيوانات النافقة، وأكلوا خشاش الأرض، وأكلوأ بقايا طعام الأغنياء وأكلوا الخبز بالماء... ولكن لم يحدث أن أكل بعضهم بعضًا كما يحدث الآن.....
*************
(3)
(الحب طعام الفقراء ..... و"الجنس" فاكهتهم)... لا أدري من قال هذه العبارة أو أنها من عندي ... لكنها صحيحة مائة بالمائة....
*************
(4)
"الشعوب تستحق حكامها... أمّا أنا فأستحق هذا الطبق المدجج بالإستاكوزا والجمبري والأسماك وفواكه البحر" ... كلمات همم بها السيد الرئيس (رئيس مجلس الإدارة طبعًا) قبل أن يبدأ مأدبة العشاء الخاصة التي أقامها لنفسه بعد القرارات الأخيرة التي اتخذها في"شركته"...!!!!......
*************
(5)
"تنابلة السلطان" ورواد التكايا في عصور المماليك والعثمانيين كانوا "إن جاعوا زننو وإن شبعوا غنوأ" أما تنابلة هذه الأيام لا يملون من الزنّ على أية حال... ماذا يفعل السلطان الغلبان؟؟... خلليهم يموتوا من الجوع بقى... تنابلة (شعوب) عايزة الحرق.....
*************
(6)
الجوع للأمن والأمان أشد فتكًا بالإنسان من جوع البطن... وأنا بسياساتي الرشيدة وفرت لكم الشبع من هذا الجوع ... قالها "رئيس" مجلس الإدارة في آخر اجتماع للعاملين... كلام فاضي!!......
*************
(7)
حينما أحاول أن أكتب وتتمنع عليّ الكلمات أشعر بجوع رهيب.. فأتوجه مباشرةً إلى الثلاجة... هل هذا طبيعي؟؟ الجوع للكلمة؟؟......
*************
(8)
رفاهية الفكر والسياسة لا يمكن أن تتواجد بجانب "طوابير" الخبز!!!.....
*************
(9)
قال لي الطبيب يجب أن تقلع عن التدخين وتناول الوجبات السريعة، فكلاهما يؤدي إلى تصلب الشرايين وزيادة الكوليسترول والسمنة وضغط الدم و... و... و...فقلت له:" موافق ولكن قل لي كيف سأقلع التفكير؟؟؟" !!!.....
*************
(10)
بالمناسبة يا أصدقائي ، أنا بفضل الله ميسور الحال وشبعان، لاحسن حد يعرض عليّ تبرعات وللا حاجه..كل الحكاية إني لسة لم أفطر بعد .....
*************

الأربعاء، 7 مايو 2008

إرهاصات مؤسسية!!!...

(1)
المواطنة المؤسسية (Corporate citizenship)
*************
.
قال له: يجب أن تحب المؤسسة ... ولاؤك للمؤسسة هو سلمك الذي سترتقيه لأعلى... الإخلاص ثم الإخلاص ثم الإخلااااااااص... حينما كنت في مثل عمرك لم أكن أعود إلى المنزل، كنت أظل في مكتبي لأيام... أنت مجتهد، وذكي، وملتزم، وطموح ولكن كل ذلك لا يعني شيئًا إذا لم تعشق المؤسسة... لتكن المؤسسة حبيبتك وزوجتك وكل شيء في حياتك...

فرد عليه: هذه النصائح غالية جدًا... أعد سيادتك أن ألتزم بكل ما نصحتني به.. وفي هذه الأثناء تقتحم السكرتيرة الحسناء المكتب دون استئذان وتقول:" سيادة المدير... الساونا جاهزة"....!!!!
-------------------------------------------


(2)
تدوير الوظائف (Job rotation)
*********
.
قال له المدير العام: أنت رائع فعلاً، فمؤهلاتك العلمية نادرة، وإمكانياتك وطاقاتك الإبداعية متوقدة ومتفجرة... ولكن لأنك جديد بيننا فيجب أولاً أن تمر على كل الأقسام وتتعلم طبيعة عمل كل قسم وتمارس هذا العمل لبعض الوقت... فمن ناحية ستكنسب خبرات كثيرة في وقت قليل، ومن ناحية أخرى سيؤدي هذا إلى تنوع المهام التي ستوكل إليك مما يضيف ثراءً وإثارة لوظيفتك بدلاً من أن يصيبك الملل من تكرار نفس العمل كل يوم... وبالمناسبة فهذا ما يعرف في علم الإدارة بتدوير الوظائف ... Job rotation...

كان الآخر يسمعه بدهشة وإعجاب وسعادة شديدين، فلم يكن يتخيل أن عقلية الإدارة في هذه المؤسسة متقدمة إلى هذه الدرجة فكثيرًا ما سمع من قبل عن هذه النظريات ولكنه لم يلمسها مطبقةً في أرض الواقع ...

وبعد ستة أشهر من العمل في كافة الأقسام ... وجد نفسه قائمًا بكافة أعمال المدير العام، ولكن في مكتب تحت منعزل الأرض ...

وبعد عام وجد نفسه في نفس المكتب تحت الأرض يقوم أيضًا بجميع أعمال المدير العام، لكن لم يعد أحد يذكره لأن أحدًا لا يراه سوى المدير العام... فأدرك كم كان غبيًا... وقرر أن يهاجر!!...
--------------------------------------------


(3)
الحاكمية المؤسسية (Corporate Governance)
**************
.
في الإجتماع الأخير دار هذا الحوار:
السيد "ع": إدارة اللوجيستيات لا تقوم بواجبها على أكمل وجه... هناك تقصير واضح..
السيد "ت": نعم ، لقد نما إلى علمي أن هناك تأخير كبير في تسليم البضائع إلى العملاء في المنطقة الشمالية...
السيد "ب": لابد من محاسبة المسؤلين عن هذا التقصير، أعتقد أن رئيس قسم الحاويات مسئول بشكل مباشر ، فالطريقة التي يخاطب بها موظفيه هي التي أدت إلى هذا الإهمال...
السيدة "س": لا لا، بل تفرغه لغرامياته مع سكرتيرته اللعوب واستغلاله لمنصبه في التربح هو السبب... لابد من المحاسبة وإلا لن تحمد العواقب...

وبعد الاجتماع قام السيد"ع" (عامل البوفيه) وفي يده صينية الشاي التي كانت موجودة على مكتب السيد "ت" (عامل التليفون) آخذاً معه كلٍّ من السيد "ب" (عامل البريد) والسيدة "س" (سكرتيرة المدير العام) حيث ذهب كلٌّ منهم إلى مكان عمله !!!...
--------------------------------------------------

إعتزال..!!

قررت اليوم... وبعدما مرت السنون أن أكتب إليكِ...أن أفرد شراع البوح الأسودَ... أمام العالم... أن أعترفَ... أمام العالم...أن أصلب فوق سطوري، أن أعتذرَ،... أمام العالم...أن أرفعَ عن كتفيّ جبلَ الحزنِ...أن أقتلعَ الشجنَ القاتلْ... من نفسي ...أن أنجوَ ... من نفسي ...أن أجعلَ للحلمِ نهاية... أن أكتبَ خاتمةَ القصة...
أنْ.......!!!أُبحرُ أو أبقى؟؟... أسعدُ أو أشقى؟؟... أحيا أو أفنى؟؟... لم تكن الإجابات صعبة... وكان القرار... أن أكتبَ لك...
كانت مشكلتي هي "كيف"؟؟....كيف ألخصُ كل سنين العمر ببضع سطور؟؟.. كيف أبوحُ ,وأُفصح؟؟.. كيف سأسدلُ ستائر المشهد الأخير من الرواية؟؟... هل أجدُ الكلمات؟؟... أم سأظل أطاردها في طرقات الزمن القادم حتى أصل للحظةِ صدقٍ أخرى مع نفسي؟؟.. فأنا -أصدقكِ القولَ- قد أدمنتُ الشجن، وعشقتُ الصمتَ، وغدوتُ صديقًا للأحزان....
لن أبدأ من جديد... لا تخافي... لن أحكي ما عشناه ... وما ضيعته...لن أقسو عليكِ... أو ألعن العلامات التي ضللتي ... أبعدتني عن طريقك...فالآن يمكنني إعلان الإعتزال... حاولت كثيرًا أن أكون واقعيًا... لم أستطع...لم أقدر إلا أن أقول لك: "يا حبيبتي التي لم تأت... أحبك ولكن... سامحيني ... لن أستطيع أن أنتظرك أكثر من ذلك... ستختفين من حياتي....

الاثنين، 5 مايو 2008

طُمُوح

كانت حدوده السماء.. وارتقى درجات السحاب ليصل... كان له عشرون جناحًا ، نصفها من ذهب ونصفها من بللور ... ينعكس ضوء الشمس فوق الذهب وينكسر خلال الزجاج ليضيء بألوان وهالات غريبة حوله... تعلم كثيرًا .. حاول كثيرًا ... اجتهد وفشل ونجح كثيرًا... ووصل... إلى القمة بل إلى قمة القمم...

وهناك ... بعد فترةٍ اكتشف أن هذا المكان شديد الوحشة .. لا يوجد هناك غيره... كان فوق الجميع ... ينظر إليهم من بعيد... يراهم ولا يستطيع أن يكلمهم أو يتواصل معهم.. ثم، وبعد فترة أصبح يشعر بالاختناق وبدأ يزيد لديه هذا الشعور .. أصبح يكره هذه القمة التي تربع فوقها لفتراتٍ طويلة ... بدأ يصرخ ولا أحد يسمعه أو يجيب صرخاته... فقرر أن ينتحر ... خلع عنه أجنحته وألقى بنفسه من فوق السحاب... لا يعرف أين سيهوي.. آخر ما يذكُره قبل أن يغمض عينيه ويستسلم لأقداره أنه رأى لونًا كلون البحر... كان سعيدًأ أن نهايته ستكون في أعماق البحر... أغمض عينيه وظل يهوي ... بدأ يشعر بأنه يقترب من سطح البحر وقبل أن يرتطم جسده الهزيل بسطح الماء، فتح عينيه ليجد أمامه طبقًا من الفول المدمس، وكسرة خبز صغيرة. ومن حوله إخوته الصغار يتسامرون ويتصايحون ويمدون أيديهم إلى طبق الفول.. كل منهم يريد أن يأخذ نصيبه قبل أن يلتهمه الآخرون ... ووجد أمه تنظر إليه ولسان حالها يسأله:" لماذا لا تأكل؟ " .... نظر إليها نظرة حانية وابتسم ابتسامةً لم تفهمها.. ومد يده والتقط لقمة الخبز وبصعوبة استطاع أن يصل إلى آخر حبة فول بالطبق وهو يهز رأسه ويبتسم....

الأربعاء، 23 أبريل 2008

تحفة...

الخميس، 17 أبريل 2008

عندما يُهنِّـج الإنسان...!!!

كلما حاولت أن أكتب الذي أفعله في هذه اللحظة أجد اللحظة وقد مرت ... دائمًا ما يتحول الفعل المضارع إلى فعلٍ ماض في كتاباتي ...
يسحقني قطار الثواني والدقائق والسنين ... ترى من سيسبق؟؟!!
وكلما أنظر إلى الأمام للحظات أكاد أن أتعثر فأعود أنظر تحت أقدامي من جديد ...
وكلما أقرر أن أبدأ التخطيط للمستقبل القريب يفاجئني صوت الصغيرة:"بابّا إلَّب قطه" يعني نلعب لعبة القطة...!!!
بالأمس القريب قررت أنني لابد أن أكتب الخطة ... إنتظرت حتى ناموا ... جلست أمام الكومبيوتر ... أغمضت عيني للحظات محاولاً أن أستجمع الأفكار ...تسارعت الأفكار في رأسي تضربه من كل صوبٍ وحدب ... وجدتني أبتسم ابتسامة النصر، وسريعا ما وجدتني منخرطًا في نفس الجيم الذي ألعبه منذ ثلاث سنوات ...
لازم بقى يخترعوا آلة الزمن ... مينفعش كده ...

الاثنين، 14 أبريل 2008

مين أنا ؟؟!!..

مين أنا وسط البشر..؟؟!!
جوايا ميت مليون نفر...
وبره غيرهم مليارات...
بيصرخوا جوه السكات...
وحاجات كتير ومحتاجات..
من حقهم لو تتسمع ..
لو تتفهم أو.. تتنشر...

بصوا.. من غير صداع ولا طنطنه..
ولا كتر لت ومعجنه..
أنا جيت هنا معرفش مين..
وعاوز أعرف مين أنا ؟؟!!..